يعمل عملا فيعمل مثله من غير أن يحوج الانسان إلى تعب بها ورياضة لها.
وهذا غاية أفق الحيوان الذي ان تجاوزها وقبل زيادة يسيره خرج بها عن أفقه وصار في أفق الانسان الذي يقبل العقل والتميز والنطق والآلات التي يستعملها والصورة تلائمها فإذا بلغ هذه المرتبة تحرك إلى المعارف واشتاق إلى العلوم و حدثت له قوى وملكات ومواهب من الله عز وجل يقتدر بها على الترقي والامعان في هذه الرتبة كما كان ذلك في المراتب الاخر التي ذكرناها وأول هذه المراتب في الأفق الانساني المتصل باخر ذلك الأفق الحيواني من مراتب الانسان للذين يسكنون في أقاصي المعمورة من الشمال والجنوب كأواخر الترك من بلاد يأجوج ومأجوج وأواخر الزنج وأشباههم من الأمم التي لا يتميز عن القردة الا بمرتبه يسيره ثم يتزائد فيهم قوه التميز والفهم إلى أن يصيروا إلى حال من يكونون في أوساط الأقاليم فيحدث فيهم الذكاء وسرعة قبول الفضائل.
والى هذا الموضع ينتهى فعل الطبيعة التي وكلها الله تعالى بالموجودات المحسوسة عند الجماهير من الحكماء واما عندنا فإلى أوائل أفق الحيوان ينتهى فعل الطبيعة والأكوان المحسوسة المادية ومن هناك يبتدى فعل النفس والأكوان الخيالية الصورية المجردة عن هذا العالم المادي المستحيل الكائن الفاسد حتى يبلغ إلى هذا الموضع ومن هيهنا يقع الشروع في اكتساب الفضائل الزائدة على فضائل الحيوان بما هو حيوان واقتناء العقليات بالإرادة والسعي والاجتهاد حتى يصل إلى أفق الملأ الأعلى والملائكة العلويين.
وهذه أعلى مرتبه الانسان بما هو انسان وعندها يتاحد الموجودات ويتصل أولها باخرها وآخرها بأولها وهو الذي يسمى دائرة الوجود ونصفها الأول قوس النزول ونصفها الآخر قوس الصعود لان الدائرة هي التي قيل في حدها انها خط واحد يبتدى بالحركة من نقطه وينتهي بها إلى تلك النقطة بعينها.
فدائرة الوجود هي المتاحدة المتصلة حدودها وقسيها بعضها ببعض التي جعلت