فان قلت مراتب الشدة والضعف غير متناهية بحسب الفرض كمراتب المقادير فاذن لو وجب حصول الجميع يلزم منه بين كل شديد وضعيف عدد غير متناه محصور بين حاصرين وذلك ممتنع سيما وهي مترتبة.
قلت انما يلزم ذلك لو لم يكن طائفة منها موجودة بوجود واحد بان يكون شخص واحد ذا درجات وجودية بعضها ارفع وأشرف من بعض من غير انفصال وافتراق بينها ومن هذا القبيل الشخص الواحد من الانسان فإنه موجود واحد ذو قوى متعددة بعضها عقلية وبعضها نفسانية وبعضها طبيعية ولكل من الأصناف الثلاثة مراتب متفاضلة في صنفها والكل ذات واحده كما ستعلم في مباحث النفس إن شاء الله.
فإذا تقرر هذا فنقول إذا نظرت إلى حال الأكوان العنصرية في تدرجها في الوجود وتكاملها وترقيها من أدنى المنازل إلى أن تبلغ إلى مجاورة الاله المعبود وجدت البرهان مطابقا للوجدان وذلك أن هيولي العناصر وهي الغاية في الخسة والنقيصة بحيث لا يتصور ما هو أخس منها الا العدم المحض لان نحو وجودها في ذاتها هو قوه الوجود وتهيؤ قبول الصور والهيئات لا غير فأول ما قبلتها الامتداد القابل للطول والعرض والعمق إذ لا قوام لها الا بالجسمية كما لا استقلال للجسمية الا لصورة أخرى نوعيه وأدنى النوعيات الصورية هي الصور النوعية العنصرية فقبلتها بعد الجسمية المطلقة فحصلت العناصر الأربعة اما في درجه واحده كما هو المشهور أو على تقدم وتأخر من جهة انقلاب ما سبق منها في الوجود إلى البواقي.
ولو كان المذهب الثاني حقا لكان الأسبق في الوجود منها ما هو الأدنى والأخس إذ الترتيب في هذه السلسلة العودية من الأخس فالأخس إلى الأشرف فالأشرف ولكن الجزم بان الأخس المطلق بين هذه الأربعة أيها كان لا يخلو من صعوبة.
ثم التي تفاض على المادة بعد العناصر البسيطة هي الصورة الجمادية وهي