عن حال ما قبله ثم يقوى هذه الفضيلة في النبات حتى يصير فضل الثالث على الثاني كفضل الثاني على الأول.
وهكذا لا يزال يتدرج ويشرف ويفضل بعضه على بعض حتى يبلغ إلى أقصى مرتبته وافقه ويكاد ان يدخل في أفق الحيوان وهي كرام الشجر كالزيتون والكرم والجوز الهندي الا انها بعد مختلطة القوى أعني قوتي ذكورها وإناثها غير متميزتين فهي تتحمل زيادة ولم تبلغ غاية أفقها الذي يتصل بأفق الحيوان ثم يزداد ويمعن في هذا الأفق إلى أن يصير في أفق الحيوان فلا يحتمل زيادة.
وذلك انها ان قبلت زيادة يسيره صارت حيوانا وخرجت عن أفق النبات فحينئذ يتميز قواها فيحصل فيها ذكورة وأنوثة ويقبل من فضائل الحيوان أمورا يتميز بها عن سائر النبات والشجر كالنخل الذي طالع أفق الحيوان بالخواص العشر المذكورة في مواضعها ولم يبق بينه وبين الحيوان الا مرتبه واحده وهي الانقلاع عن الأرض والسعي إلى الغذاء.
وقد ورد في الخبر ما هو كالإشارة والرمز إلى هذا المعنى في قوله ص أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من بقيه طينه آدم فإذا تحرك النبات وانقلع عن أفقه وسعى إلى غذائه ولم يتقيد في موضعه إلى أن يسير إليه غذاؤه وكونت له آلات أخرى يتناول بها حاجاته إلى تكمله فقد صار حيوانا وهذه الآلات تتزائد في أفق الحيوان من أول أفقه وتتفاضل فيه فيشرف بعضها على بعض كما كان في النبات.
فلا يزال يقبل فضيلة بعد فضيلة وكمالا فوق كمال حتى يظهر فيه قوه الشعور باللذة والأذى فيلتذ بوصوله إلى منافعه ويتألم بوصول مضاره إليه ثم يقبل الهام الله عز وجل إياه فيهتدي إلى مصالحه فيطلبها والى أضدادها فيهرب منها وما كان من الحيوان في أول أفق النبات لا يتزاوج ولا يخلف المثل بل يتولد كالديدان والذباب وأصناف الحشرات الخسيسة ثم يتزائد فيها قبول الفضيلة كما كان ذلك في النبات سواء ثم يحدث