فالمقصود في فعل الطبيعة ليس الا نحوا من الوجود والوجود كما علمت متفاوت في القوة والضعف والحيطة والقصور وليس مقصودها كما زعمه بعض مهية كليه نوعيه كانت أو غيرها إذ المهية غير مجعولة ولا مقصوده بالذات كما سبق وانما المجعول والغاية في القصد من أي مبدء كان هو الوجود لكن الوجودات قد يشترك في معنى نوعي أو جنسي أو غيرها للعقل ان يتصورها ويتوسل من تعرف بعضها إلى تعرف الاخر.
ولأجل ذلك يقال العام اعرف عند العقل من الخاص لان الذي يتفطن به أولا من صفات الموجودات هو المعنى المشترك بين الكل كالشيئية والموجودية ثم المعنى الذي دون ذلك في الاشتراك كالجوهرية والعرضية ثم كالجسمية وهكذا إلى أن ينتهى إلى معنى محصل كامل نوعي ولذلك الناس كلهم كالمشتركين في معرفه العمومات وأوائل المفهومات التي لا كمال معتد به فيها وانما يتميزون بان بعضهم يعرف الخصوصيات وينتهي إلى النوعيات ممعنا في التفصيل.
وهذا الامعان في تحقيق الخصوصيات ينتهى ببعض من هؤلاء إلى أن يشاهدوا بعين عقولهم صورا عقلية وجودية وذواتا كامله نورية هي مبادئ النوعيات و هذا هو الطرف الأعلى من الكمال وهو النتيجة الكبرى من معرفه المعاني العامة والخاصة.
ولذا قيل المعرفة بذر المشاهدة وهذه المشاهدة غير الاحساس لان حصول الاحساس كان متقدما على حصول تلك العمومات والمخصصات والمشاهدة بعد ذلك وربما وقف بعضهم في المعرفة على الجنسيات العامة كمن عرف الجسمية دون ان يحصل معها المعاني الفصلية كالنامي حتى يعرف معنى النبات أو حصل الجسم النامي ووقف عليه دون معرفه الحساس حتى يعرف معنى الحيوان.
فإذا انتهت المعرفة إلى الطبائع النوعية وأحوالها وقف النظر البحثي وليس بعده الا المشاهدة الحضورية للطبائع العقلية والصور المفارقة واما معرفه الطبائع