هو جسم حار يصح حمل الجوهر عليه فيقال هذا الأبيض جوهر أو هذا الحار جوهر لأنهما من جهة واحده جوهر لا من جميع الجهات.
فكذا نقول حينئذ الماء يحمل عليه انه جوهر باعتبار انه جسم وباعتبار انه حامل صوره والماء ليس من جميع وجوهه جوهرا بل هو مجموع جوهر وعرض وحمل عليه الجوهرية لأجل أحد الجزئين لا لأجل انه من جميع الوجوه جوهر كما يحمل الجوهرية على الأبيض المذكور وعلى الحار المذكور.
ثم لا يخفى انك إذا عرفت الماء لا تعرفه الا باجزائه ولا يمكنك ان تحكم ان الماء جوهر الا بعد أن تعلم أن اجزائه جوهر فيتقدم العلم بجوهرية اجزائه على الحكم بان الماء من جميع الوجوه جوهر لا انه مركب من جوهر وعرض.
فإذا عرفت هذا فيكون الاحتجاج بان جزء الجوهر من جميع الوجوه جوهر مصادره على المطلوب الأول كيف والجوهرية إذا كانت اجزاء اجزائه فكما لا يعقل الكل الا بالاجزاء فكذا لا يعقل الاجزاء الا باجزائها والمتقدم بالطبع على المتقدم بالطبع على الشئ متقدم بالطبع على ذلك الشئ.
وقد علم أن جزء الجوهر جوهر فلا يصح ان يعقل الماء الا ان يعقل اجزاؤه ولا يعقل اجزاؤه الا بأنها جواهر فيلزم ان يكون إذا عقل جوهرية الماء عقل جوهرية جميع اجزائه فكيف يصح ان يثبت بعد هذا بالحجة ان شيئا من اجزائه جوهر.
وفي الجملة لا يصح لك ان تثبت ان جزء الماء جوهر الا بان تثبت ان الماء من جميع وجوهه جوهر لا بأنه مجموع جوهر وعرض حتى يلزم ان جزء الجوهر من جميع الوجوه جوهر وانما يمكنك ان تثبت ان الماء من جميع وجوهه جوهر إذا ثبت جوهرية آحاد الاجزاء.
فقد أثبت في هذه الحجة الشئ بما لا يثبت الا به.
هذا تمام ما ذكره صاحب المطارحات نيابة عن الأقدمين ذكرناه بعبارته إذ لم أجد فائدة في تغيير العبارة إذا كان المقصود تأدية المعنى باي لفظ كان فلنذكر ما وعدناه