للموضوعات المادية الجسمانية فيكون الوحدة فيها اتصالا والاتصال يبطل بالانفصال ويبقى متصلا بفرض الاثنينية الموهومة المشتركة في الحد الواحد فيكون واحدا فيه اثنينية وقسمه وضعية ذهنية هذا كلامه.
وفيه تصريح بان الوجود والوحدة في المتصل الحقيقي نفس الاتصال القابل للتعدد والانفصال ان الانفصال فيه ليس الا تعدد وجوده وتكرر وحدته مع أن الوجود والوحدة المطلقين من الأمور الشاملة والمعقولات العامة لجميع الموجودات.
وهذا أيضا من المؤيدات لما ذهبنا إليه حسب ما حققنا وبسطنا القول فيه في أوائل هذا السفر ان الوجود بنفسه موجود وما ذهبنا إليه أيضا من أن الوحدة لكل واحد هي عين الوجود له فليكن هذا عندك من المتحقق الثابت الذي لا يعتريه وصمه ريب ولا تهمه عيب.
وظهر أيضا ان الوجود والوحدة وما يلزمها وسائر الأمور الحقيقية الشاملة لجميع الأشياء اللازمة لكل الموجودات هي أعم وأشمل من أن يكون معقولا محضا أو محسوسا محضا لظهورها تارة في العقول وهي بهذا الاعتبار لا يحتمل القسمة الا باجزاء مختلفه المعاني كالأجناس والفصول وتارة في الموارد البسيطة الاتصالية وهي بهذا الاعتبار لا تقبل القسمة الا بأقسام مقدارية وضعية متشاركة في الحدود المشتركة وهي مع ذلك كما مر بحسب حقيقتها بريئة عن المهية والمادة مقدسة عن القسمة بحسب الحد والمعنى وبحسب الوضع والهيولي.
فما اجلها وما ارفع شانها وأحاط شمولها للكل لا بمعنى المخالطة وما أقدس طور ذاتها وتجردها عن الكل لا بمعنى المزايلة.
ثم ما أشد غفلة العقلاء المدققين في البحث حيث لم يرتفع أذهانهم ولم يرتق عقولهم عن ملاحظة خواص الوجود ولوازمه من شموله معها لجميع الأشياء على الوجه المذكور إلى أن يحققوا الامر في شمول مبدء الوجود لجميع الأشياء شمولا