الاشتداد سواء كان في الهيئة الكيفية أو في الصورة الجوهرية حركه في وجود الشئ لا في مهيته.
والمشاؤن قائلون بان مراتب الأشد والأضعف أنواع مختلفه لكنها عند الاشتداد ليست متمايزة موجودة بالفعل والا لزم تركب حركه من أكوان آنية غير متناهية وهو محال وانكشف لك ان انحفاظ المهيات على ما هي هي في كل مرتبه من الوجود بحاله من غير انقلاب فيها فان كل معنى من المعاني وكل مهية من المهيات بحسب ذاته ليس الا نفسه وكذا كل نحو خاص من الوجود ليس الا نفسه الا ان الحقيقة الوجود أنحاء وأطوارا كثيرة في شؤون ذاتها ودرجات نفسها لا بجعل جاعل وتأثير فاعل وهو شديد الغموض ليس هيهنا موضع كشفه ولنرجع إلى ما فارقناه.
فنقول ومن خواص الجوهر كونه مقصودا بالإشارة قيل إنها دلالة حسية أو عقلية إلى الشئ بحيث لا يشترك فيها غيره فالإشارة لو كانت إلى الاعراض فهي ان كانت حسية فمحسوسية الاعراض انما هي بأمور تابعه للمواد والأجرام فالإشارة إليها تابعه للإشارة إلى محالها وان كانت إشارة عقلية فهي لا تتناول الاعراض الشخصية الا من جهة العلم بأسبابها وعللها فلا يكون العلم بها الا كليا فلا يكون إشارة إذ الإشارة إلى شئ لا يحتمل الشركة كما قلنا.
ومن هيهنا يعلم أن كليات الجوهر أيضا لا يمكن الإشارة إليها ككليات الاعراض فقد أخطأ من ظن أن هذه الخاصة شاملة لجميع الجواهر وكذا الجوهر الجزئي الجسماني غير قابل للإشارة العقلية لكونه غير معقول على ما هو المشهور عندهم فلا يشار إليه بإشارة عقلية الا بتبعية العلم بأسبابها وعللها.
ومنهم من زعم أن العرض قابل للإشارة العقلية لأنها تعقل من حيث طبيعته دون الإضافة إلى محل مخصوص فلم يبق فرق بين الجوهر والعرض في قبولها إذ الكلى من كل منهما مقصود بالإشارة العقلية والجزئي من كل منهما مقصود بالإشارة الحسية الا ان من عرف معنى كون الشئ مقصودا بالإشارة وان مرجعها نحو من الوجود