وهذا أيضا من الخواص الغير الشاملة فان الجواهر المفارقة لا تغير فيها والعالم العقلي مصون عن التبدل والتجدد ولوحه محفوظ عن النسخ والمحو والاثبات وانما القابل لشئ منها هو ما دون ذلك العالم كالعالم النفساني السماوي فان فيه كتاب المحو والاثبات لتطرق النسخ والتبديل في النفوس لقوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
ولا يتوهمن ان الكلى من الجوهر الذي عندهم من الجواهر الثانية أو الثالثة مما يتغير لأجل كونه محمولا على الأبيض تارة وعلى الأسود أخرى لان ذلك لمطابقته للمختلفات لا لتغيره بالذات في صفه من الصفات فالكلي يشتمل على كل شخص وليس بحق ان كل شخص منه ابيض وكل شخص منه اسود فلا يتغير الجواهر الثواني والثوالث من جهة ما هي ثوان وثوالث أعني الأنواع والأجناس كما لا يتغير المفارقات بالفعل ولا يتوهمن ان هذه الخاصية توجد في الاعراض بواسطة ان تتخيل ان اللون المطلق يجوز كونه سوادا وبياضا فتغير من السواد إلى البياض وذلك لان البياض إذا بطل فصله بطلت لونيته لأنهما مجعولان بجعل واحد فإذا زال لون زال بتمامه وحصل لون آخر وليس يجوز انسلاخ فصله مع بقاء سنخ منه لان ذلك غير ممكن التحقق في النوع البسيط واللون المطلق العقلي نسبته إلى الجميع سواء.
وما اشتهر من أن في الجنس استعدادا لوجود الفصول فذلك انما يصح في جنس الأنواع المركبة لا بما هو جنس بل بما هو مأخوذ مادة.
وقد علمت الفرق بين الاعتبارين فيما سبق فلو أطلق في جنس البسائط انه مما يقبل الفصول فمعناه ان الوهم يمكنه ان يجرد الطبيعة الجنسية كاللونية مثلا فينسبه إلى أي الفصلين شاء كالقابضية للبصر والمفرقية له على أن ما عد من خواص الجوهر هو القبول الخارجي لامرين متقابلين يعرضان لقابل واحد ولو أن الكلى بما هو كلي يقبلهما لكان كل لون سوادا أو بياضا ولو كانت طبيعة اللون تقبل السواد كانت مسوده لا سوادا كذا لو قبلت البياض كانت مبيضه لا بياضا فلم يكن في الوجود سواد ما