ويكفي في رده أن النقل بالمعنى يلزم فيه أن يكون المعنى محفوظا بحدوده وإنما يكون التبديل بصورة الألفاظ، إذن فأين (اذنين حفرت لي) وأين (هيأت لي جسدا)، ولو كان هذا التفاوت والتباين من النقل بالمعنى لما بقي في الكلام اختلاف بل انسد باب اللوم على أكثر الذين يخطئون أو يكذبون في نقلهم، فيقال إنه نقل بالمعنى.
واعلم أن الترجمة المطبوعة سنة 1811 قد جمعت في ترجمة المزامير بين الأمرين فذكرت هكذا (وأعددت لي جسدا فتحت مسامعي)، وفي ترجمة رسالة العبرانيين اقتصرت على قولها (واقتنيت لي جسما) فزادت على الأصل العبراني لكي تتجه دعوى النقل بالمعنى.
(تتمة) واعلم أن المترجمين من النصارى لم يجروا على نهج غير مضطرب فلم يتبعوا الأصل العبراني تماما على ما فيه، ولم يتبعوا حواشيه تماما على ما فيها، ولم يتبعوا النسخة السبعينية تماما على ما فيها، ولم يرفضوا النسخة السامرية تماما، بل استخرجوا بحسب أفكارهم وأغراضهم كتابا ملفقا لا يطابق بتمامه مطابقة تامة لواحد من هذه الأربعة، ولقد كنا نحب بيان ذلك بالاستقصاء، لولا أنه يؤدي إلى الطول الذي تبعد به المسافة عن المقصود، بل هو جدير بأن نفرده في رسالة مستقلة، وفي الإشارة إليه هاهنا كفاية فانظر أقلا إلى ما ذكرناه من الموارد، وراجع النسخة التي ذكرناها أولا في صدر الكتاب.
وانظر الجزء الأول من إظهار الحق، وإن شئت فطابق بين الأصل العبراني وحواشيه والترجمة السبعينية، وبين تراجم النصارى للعهد القديم لكي تعرف أن العهد القديم ليس له عندهم أصل يعتمد عليه، وإنما هو كتاب موهون للنظر في تصحيحه وتهذيبه مجال واسع، لا يصد عن جماحه عنان التعصب والتستر..
وبذلك تعرف شطط المتكلف على قومه وكتبه في قوله (يه 1 ج ص 127) (لا يعول على التراجم بل المعول عليه والمرجع إليه هو التوراة العبرية التي حافظ عليها اليهود).