والرفق والده، والصبر أمير جنوده) أي هو الذي يدبر أمرها ويثبتها عند محاربة الهوى والشيطان.
وروى في ربيع الأبرار عن مستودع علم الرسول علي عليه السلام أنه قال: (الحياء زينة، والتقى كرم، وخير المركب الصبر). وقال عليه السلام (الصبر مطية لا تكبو بصاحبها).
ولكن أتدري لماذا يجحد المتعرب فضيلة الصابرين؟ لأنهم هم الذين قاموا بنصرة التوحيد، ولم يثنهم عن عزمهم تضايق الشدائد، وأهوال الملاحم، ومحك الامتحان، حتى أشرقوا الشرك بالريق، وأرغموا أنف الضلال...
وأيضا لا يسمح المتعرب بأن تتوجه الأذهان إلى فضيلة الصبر والصابرين، وذلك ليستر ما ذكره إنجيلهم في شأن التلاميذ الذين هم بزعمه عطية الله للمسيح (1) وخيرة العالم (2) ونوره (3) وملح الأرض (4)، فقد ذكر في شأن الأحد عشر منهم عن قول المسيح بأنهم كلهم يتفرقون عنه في ساعة الامتحان كل واحد إلى خاصته ويتركونه وحده، ويشكون أو يعثرون فيه (حينما ينتقدهم الاختبار)، وطلب منهم المواساة بسهر ليلة فلم يتركهم الوهن والخور ليسمحوا، ولما هجم اليهود تركه الجميع وهربوا (مر 14: 27 - 51) وراجع ج 1 / صحيفة 62.
ولعل المتعرب مع ذلك يقول: ليست الفضيلة بالصبر عند الشدائد على امتثال الواجب ونصرة الدين والثبات على الإيمان، بل الفضيلة كل الفضيلة أن يجتمعوا ويرتأوا لاستجلاب الناس للإيمان بالثالوث ولو بطمس رسوم الشريعة ومصانعة المشركين بعوائدهم والتقرب بالثالوث إلى شركهم ومداهنة أهل الشريعة بالرياء (انظر صحيفة 63 و 64 من الجزء الأول.
وأما اعتراض المتعرب على تمييز الصابرين المذكورين في الآية على الموفين بعهدهم، فليس لأنه يجهله لكن ليتوصل به في المغالطة إلى ضلالة التعريض