الصالحة نوعا والبيوت الصالحة نوعا فكم ترى فيها من المختارين للفساد وكم ترى تفاوتهم في درجاته إلى أن يبلغ بعضهم أقبح الانغماس بالفساد ثم أنظر إلى المدن والقرى والأحياء والبيوت التي يغلب فيها الفساد فكم ترى فيها من المختارين للصلاح وكم ترى تفاوتهم في درجاته إلى أن يبلغ بعضهم درجات الكمال العالية، وأنعم نظرك في الشعوب، ومن تجمعهم إلفة المصانع والحرف ونحو ذلك فكم ترى فيهم من الاختلاف والصلاح والفساد.
من تجتمع فيه التعليلات الموهومة وانظر إلى كل صنف متساو بالمزاج والسحنة والمحيط والبيئة مما تتساوى فيه أفراده تمام المساواة ثم انظر كيف تختلف أفراده في الأعمال الصالحة والردية بدرجات مختلفة يصل اختلافها إلى البعد الشاسع.
كم وكم ترى الشخص الواحد يمضي له زمان وهو على مزاج واحد وسحنة واحدة ومحيط واحد وحال واحد وبيئة واحدة ويكون في شطر من ذلك الزمان ذا أعمال صالحة وفي شطر منه ذا أعمال ردية يتغير من شأن إلى ضده.
وكم تراهم يتفاوتون في هذا التغير بدرجات مختلفة.
ترى من ذوي القامات الطويلة والأجسام السمينة الضخمة والأمزجة الليمفاوية (البلغمية) والسحنة التي ينسبون إليها الصلاح وممن لا يقدر لذاته رفعة شرف ولا كرامة محل.
تراه إذا مست شخصيته أدنى معاملة من الحق يتقحم الجرائم القبيحة في الانتصار لباطله ويتهور في الانتقام ويتجاوز الحدود.
وكم ترى من دموي عصباني شاب مقتدر رفيع الشرف عزيز المقام يعتدي عليه ظلما من هو دونه وهو قادر على الانتقام يأمن من يكثر الموانع ولكنه يصفح عن الانتصار لشخصيته وخصوصية مظلوميته ويتمسك بفضيلة