الروحية سوى الحدس والافتراض وأنها ليست سوى بنات التعليل التي لم يقم على إثباتها دليل حسي ولم تكتسب صفة الحقائق الراهنة إلا لإحجام العقول وعجزها عن تعليل ينافيه انتهى تلك النزعة التي يقول من جرائها في أمر المعاد الجسماني (1).
إن جمع تراب الانسان بعد موته لي إعادته إلى حاله قبل الموت وإصعاده إلى أعالي السماوات ويبنى له مسكن في الفضاء كل واحد من هذه يحتاج افتراضه إلى افتراض أعجوبة سماوية ولكن الفيلسوف الذي يطلب الحقائق الملموسة لا يكتفي عن الأدلة بالأعاجيب.
يا رمزي هل ترى رجلا لا يعرف أن الإلهي لا يقابل الفيلسوف في حجة المعاد بالأعاجيب وإنما يحتج عليه بدلالة الكتب الإلهية والأدلة النبوية بعد ما يمهد دلالتها بالحجة على الإلهية والنبوة.
فإن شاء الفيلسوف أن يروغ إلى الاستبعاد والاستهزاء الذي يضطهد الأدب والشرف ويضرب المثل بالعظام والرميم وجمع تراب الانسان وإعادته وإصعاده إلى أعالي السماوات وبناء مسكن له في السماوات فإن الإلهي حينئذ يداري استهزائه ويوبخ مغالطته ويروض من جحوده باستلفاته إلى أن ذلك كله ليس بعجيب ولا مستصعب ممن خلق الانسان والحيوان من نطفة وخلق السماوات والأرض وما فيهما بهذا النظام الباهر ولم نتسرع إلى الاذعان به لمجرد إمكانه وعدم صعوبته على خالق البشر والسماوات والأرض وما فيهما بل دلنا على ذلك كشف النبوات التي برهن الحس والعقل على صدقها في تعليمها.
والنزعة الثانية. هي التي من جرائها يقتحم التناقض والتقول على الكتب الإلهية وأهل الأديان المعروفة مع أن الأمر مكشوف لكل راء وسامع.