الرجل يريد أن يجادل أهل الأديان بكتبهم الدينية لكي يجحد القيامة والمعاد في الآخرة وحاصل مغالطته أن يقول (1) تارة إن الدلائل الموجودة في كتب الأديان على كون الانسان يلاقي جزاء أعماله في حالة مشتركة بين الروح والمادة والتي تؤيد أن جزاء الآخرة ماديا أزيد منه روحيا أكثر من أن تحصى).
وتارة أخرى ينسب إلى الكتب الإلهية وأصحاب الأديان المعروفة بلا استثناء (2) شيئا لا يمكن معه المعاد الجسماني مع أن صراحة الكتب الإلهية وتعاليم الأديان المعروفة تدحر هذه النسبة خاسئة.
رجل تبعثه نزعته إلى أمر فيتستر بأنه يقوم (3) بأن يمثل دور واحد من الفلاسفة فيتكلم بلسانهم وما عندهم من الشكوك إلى آخره - أفلا يشعر بأن الفلاسفة الذين يشير إليهم لا موقف لهم من الإلهيين في شأن المعاد فإن موقف الإلهيين في حقيقة المعاد إنما هو في مقام بعد الخطوة الأولى أعني الخطوة الأساسية أساس المعارف الدينية والنور الذي يوقف على الحقايق بأجلى مظاهرها ويدعم بنيانها بدعائم براهينه وحججه تلك خطوة العقل بدلائله الفطرية الأولية واعتباراته الحسية والوجدانية إلى اليقين بوجود الإله الخالق القادر واجب الوجود الغني العليم الحكيم وإنه بقدرته وحكمته وعلمه يرسل الرسل الصادقين العارفين بوحيه لكي يهدوا البشر إلى مناهج الصلاح ومواقف الحقائق ويكونوا لعقول البشر بمنزلة النظارات المكبرة والمقربة يجلون الحقائق بمجاليها.
تجد الممثل لأحد الفلاسفة يتكلم في أمر المعاد بإحدى نزعتين:
النزعة الأولى: وهي النزعة التي تغمز وترمز إلى جحود الإلهية والقدرة. النزعة التي يقول من جرائها أنه لا وسيلة لإدراك الحقائق