القدرة الإلهية في خلق الانسان بماله من الجسم وتركيبه العجيب في حكمه وغايات أجزائه وبما له من الحياة والشعور والعقل لئلا تكونوا على غفلة فتقولون خلق الانسان صدفة ولا ندري كيف صار. بل لتلتفتوا إلى مبادئ نشأته البسيطة والفاقدة للحياة وترقيها بالخلق إلى التراكيب الباهرة بحكمها وإلى جمال الحياة وكمال العلم (ولنبين لكم) بالاستلفات مواقع القدرة في مبادئ النشؤ وأطواره.
(ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى) محدود للولادة ونحبوه في الرحم بعظائم النعم ومواد التغذية ولوازم الحياة على نهج مغاير لنهج عالم الولادة في طريق التغذية والإفراز ودورة الدم ونحو ذلك.
(ثم نخرجكم طفلا) عاجز عن أمره نجدد له صورة غذائه ومنبعه وطريق التغذي ومخرج الإفرازات والفضلات ونغير دورة دمه ونحبوه بحنان الوالدين.
(ثم) تتدرج بكم الأطوار في النمو ومراتب الشعور والادراك والعلم والقوة.
(لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى) حينما يبلغ أشده وقبل ذلك حسبما تقتضيه الحكمة في نظام العالم ونواميسه المجعولة.
(ومنكم من) يبقى بعد أن يبلغ أشده فيأخذ بالانحطاط على حسب التقدير والحكمة في الشخص أو النوع.
(لكيلا) أي تكون عاقبته بعد العلم وجودة الادراك وصفاء الشعور لا (يعلم من بعد علم شيئا).
هذا استلفاتكم وتنبيه اعتباركم في خلقكم أيها الانسان (وترى الأرض هامدة) قاحلة لا نبات فيها ولا بهجة (فإذا أنزلنا عليها الماء) بالقدرة الباهرة في توليد المطر على الأنحاء التي تقرر في توليد السحاب وحمله الماء وعجائب نشأه وضغطه في توليده وسوقه وتسييره وإرساله المطر فإذا نزل على الأرض الميتة (اهتزت) بحياة الانبات (وربت)