وبيان ذلك أن المفروض أن المشتري إنما رضى عند العقد بأمر متوهم غير واقع في الواقع وفي نفس الأمر، فيكشف ذلك بعد انكشاف الحال عن عدم رضاه بهذا المبيع من أصله فيبطل.
وهذا مثل مسألة اطعام زيد باعتقاد أنه صديقه أو كونه هاشميا أو عالما، والفرض أنه لو علم أنه ليس صديقه بل عدوه في الواقع أوليس هاشميا أوليس عالما فيه لما يطعمه أصلا بل يبغضه غاية البغض ففي المقام لو كان مجرد احتمال أمر موهوم كافيا في الصحة فلازمه جواز أكل هذا الطعام لزيد مع علمه بأنه ليس صديقه بل عدوه ويعلم أيضا أنه لو علم المطعم كونه عدوا لما يعطيه شيئا أبدا، والحال أنه لا اشكال في عدم جواز أكله في الصورة المفروضة بالضرورة من الدين مع وجود احتمال الأمر الموهوم هنا أيضا.
لكن يمكن دفع كل منها.
أما الأولى فنقول: إن المقدمتين كلتيهما ممنوعتان أما الأولى فإنا لا نسلم أن الاستثناء منقطع، بل إن قوله " بالباطل " علة قائمة مقام المعلول، وتقدير الكلام: إن أكل الأموال من جميع الوجوه حرام لكونه باطلا أو لأنه باطل، إلا من جهة كونه تجارة عن تراض، ولقيا العلة مقام المعلول نظائر كثيرة في الكتاب والسنة كما في الكتب الأدبية.
وأما الثانية فسلمنا أن هذا الاستثناء منقطع لكن القول بأنه لا يدل على الحصر ممنوع، بل هو من جهة دلالته عليه أدل من دلالته الاستثناء المتصل عليه، فإن قولنا: " جائني القوم إلا حمارهم " يدل على مجيئ