الواحدة يمكن أن تدخل في اليقينيات والمقبولات من جهتين، فيمكن اعتبارها في البرهان والجدل باعتبارين. (1) وحصيلة النزاع: أن المنطقيين خصوا اليقينيات بالأوليات والمشاهدات والتجربيات والحدسيات والمتواترات والفطريات، فالبرهان المؤلف من هذه الأمور الستة يفيد اليقين، وخصوا الجدل غير المفيد لليقين بالمشهورات والمسلمات، وأدخلوا حسن العدل وقبح الظلم في المشهورات التي لا تفيد اليقين.
ولو صح ما ذكروه لانهارت الأصول التي بني عليها الكلام الإسلامي.
ولكن الحق مع المحقق اللاهيجي والحكيم السبزواري، لأن مسألة الحسن والقبح ذات جهتين:
فمن جهة أنها داخلة في الأوليات، ومن جهة أخرى داخلة في المشهورات.
أما الأوليات: فقد عرفوها بقولهم: كل قضية تتضمن أجزاؤها علية الحكم فهي أولية لا يتوقف العقل فيه إلا على تصور الأجزاء، ثم مثلوا بقوله: الكل أعظم من جزئه. فإن هذا التصديق معلول لتصور جزئيه لا غير، ولا يتوقف العقل فيه إلا على تصور مفرديه. (2) وقولنا: العدل حسن، واجد لتلك الخصيصة، فإن تصور الجزءين كاف في الجزم بالقضية.
فإن قلت: إنه يعتبر في القضايا اليقينية وجود المطابق لها في الواقع، كقولنا:
الكل أكبر من الجزء وليس لقولنا: العدل حسن أو الظلم قبيح شئ مطابق في الخارج.