فاعله على وجه الإطلاق، بل تعلق علمه بصدور كل فعل عن فاعله حسب الخصوصيات المتوفرة فيه.
وعلى ضوء ذلك تعلق علمه الأزلي بصدور الحرارة من النار على وجه الجبر، بلا شعور، كما تعلق علمه الأزلي بصدور الرعشة من المرتعش، عالما بلا اختيار، ولكن تعلق علمه سبحانه بصدور فعل الإنسان عن اختيار منه، فتعلق علمه بوجود الإنسان وصدور فعله عنه اختيارا - فمثل هذا العلم - يؤكد الاختيار ويدفع الجبر عن ساحة الإنسان.
وإن شئت قلت: إن العلة إذا كانت عالمة شاعرة، ومريدة ومختارة كالإنسان، فقد تعلق علمه بصدور أفعالها منها بتلك الخصوصيات وانصباغ فعلها بصبغة الاختيار والحرية، فلو صدر فعل الإنسان منه بهذه الكيفية لكان علمه مطابقا للواقع غير متخلف عنه، وأما لو صدر فعله منه عن جبر واضطرار بلا علم وشعور، أو بلا اختيار وإرادة، فعند ذلك يتخلف علمه عن الواقع.
وأما الجواب على الدليل الثالث فحاصله: أن أبا لهب مكلف بالإيمان لكونه أمرا اختياريا له، وأما الإخبار بعدم إيمانه فقد نزل به الوحي بعد ما ختم الله على قلبه، وبالتالي لا يكون مكلفا بما جاء في القرآن من أنه لا يؤمن.
الدليل السابع: تصور الصدق لا يلازم تصور الحسن ربما يتصور أنه لو كان الحسن والقبح ذاتيين لزم تصورهما عند تصور موضوعهما، كالصدق والكذب مع أنا ربما نتصور الصدق والكذب ونحقق ماهيتهما ولا يخطر ببالنا حسن الأول وقبح الثاني، وهذا هو الذي جعله الشهرستاني أساسا لإنكار الحسن والقبح العقليين، قال: والذي يوضحه أن الصدق والكذب على حقيقة ذاتية لا تتحقق ذاتهما إلا بأن كانت تلك الحقيقة مثلا، كما يقال أن الصدق إخبار عن أمر على ما هو به، والكذب إخبار عن أمر على خلاف ما