ثم إن الاختلاف الجوهري بين المذاهب الأخلاقية يرجع إلى اختلاف الرؤى حيال الإنسان، فكان من المهم الإشارة إلى وجهة نظر الإسلام حول الإنسان. وقد قامت على عدة أسس نجملها بما يلي:
1. الإنسان مركب من جسم وروح إن العالم المادي ينظر إلى الإنسان من خلال منظار ضيق، وأنه موجود مادي منذ أن تشكلت نطفته في رحم أمه حتى خروجه إلى هذا العالم الفسيح، وتكامله بالتدريج من الصبا إلى البلوغ والكمال ثم الشيخوخة والهرم إلى أن توافيه المنية وينطفئ مصباح حياته، فهذه النظرة إلى الإنسان نظرة مادية صرفة، فلا يعلم من أين جاء؟ ولماذا جاء؟ وإلى أين ينتهي؟ فتجول تلك الأسئلة في ذهنه باطراد دون أن يجد لها حلولا عند المادي.
وفي المقابل، فإن الإلهي ينظر إلى الإنسان بما أنه موجود مركب من مادة ومعنى، وجسم وروح، وبدن ونفس إلى غير ذلك من التعابير المكررة التي تشير كل منها إلى زاوية من زوايا وجوده.
بل الحق أن يقال إن الإنسان واحد متكامل، بدل القول بالتركيب، فواقع الإنسان هو الروح التي تستخدم البدن لقضاء حاجاتها، حيث ترى بالعين، وتسمع بالإذن، ولكن الرائي والسامع الحقيقي هي الروح التي تستخدم هذه الأعضاء بغية إدراك الواقع الموضوعي.
وقد أقام فلاسفة الإسلام براهين دامغة على تجرد النفس وليس في الوسع طرحها في هذا المختصر، وإنما نشير في هذه العجالة إلى آيتين كريمتين، تشيران إلى تجرد الروح عن المادة.