وإلى ذلك يشير العلامة الحلي في كتابه، ويقول: لو كان الحسن والقبح باعتبار السمع لا غير، لما قبح من الله تعالى شئ، ولو كان كذلك لما قبح منه تعالى إظهار المعجزات على يد الكاذبين، وتجويز ذلك يسد باب معرفة النبوة، فإن أي شئ أظهر المعجزة عقيب ادعاء النبوة لا يمكن تصديقه مع تجويز إظهار المعجزة على يد الكاذب في دعوى النبوة. (1) وبما ذكرنا من التوضيح، يظهر عدم صحة ما ذكره الفضل بن روزبهان (المتوفى 919 ه) حيث قال: عدم إظهار المعجزة على يد الكذابين ليس لكونه قبيحا عقلا، بل لعدم جريان عادة الله الجاري مجرى المحال العادي بذلك وقوله (العلامة): تجويز هذا يسد باب معرفة النبوة، قلنا: لا يلزم هذا لأن العلم العادي حاكم باستحالة هذا الإظهار فلا ينسد ذلك الباب. (2) إن العلم بجريان عادة الله على عدم إظهار المعجزة على يد الكذابين، يتم بأحد طريقين:
أ. أن يحكم العقل بأن الله حكيم، ولا يجعل الحكيم المعجزة على يد الكذابين، والمفروض أنه غير ثابت لدى المستشكل.
ب. دراسة سيرة الأنبياء والظروف التي حاطت بهم والقرائن الحافة بدعوتهم حتى يقطع الإنسان بقضية كلية، وهي: أنه سبحانه لا يجعل المعجزة على غير يد الصادق، وهذا العلم الكلي لا يحصل إلا بدراسة سيرة طائفة كبيرة من الأنبياء على نحو يحصل له هذا العلم الكلي، ومن الواضح بمكان أنه أمر غير ممكن عادة.
ثم إن للفضل بن روزبهان كلاما في آخر هذا الفصل نأتي به ليعلم مدى تأخر القوم عن المسائل العقلية وانكبابهم على التقليد من مشايخ مذهبهم، حيث يقول: