القيم الثابتة وشمولية التكامل كان البحث السابق منصبا على أن شمولية الحركة والتغير على طرف النقيض من ثبات الأخلاق والقيم، وقد عرفت تحليله وأن شمولية ظاهرة التغير لا تمس بكرامة ثبات القيم.
وربما ينظر إلى البحث من منظار آخر وهو أن شمولية التكامل لعالم الإمكان لا سيما الإنسان، تقوض دعائم ثبات الأخلاق، وأول من طرح هذا الموضوع هو الفيلسوف المعروف هربت اسبنسر (1820 - 1903 م) وإليك خلاصة رأيه:
يقول: إن الصلة بين الموجودات الحية والعالم الخارجي صلة مستمرة، وفي ظلها تتكامل أعضاء الموجود الحي بالتدريج، ولا يختص التكامل بأعضائه بل يعم مداركه ومشاعره وأحاسيسه وعواطفه.
وبكلمة جامعة يتطرق التكامل إلى كل ما يمت إلى المدنية بصلة من الدين والسياسة والعلم والصناعة.
ثم يضيف: بأن العالم قد خلق وفق التكامل، والمدنية الكاملة هي التي تنسجم تمام الانسجام مع كمال الأخلاق وحسن الآداب، الذي هو بدوره يرتبط بتكامل المدنية والنظم الاجتماعية، ولا يمكن ادعاء تكامل الآداب والعادات ما لم تطبق المدنية على حياة الإنسان.
وبما أن كمال المدنية كمال نسبي (ورب حضارة لها قيمة في ظرفها دون ظرف آخر) فكمال الأخلاق أيضا أمر نسبي ليس أمرا مطلقا.
ويستنتج من ذلك أن الأخلاق والقيم تتكامل كتكامل أجزاء العالم. (1)