غافلون) * (1) والمراد من قوله: * (بظلم) * أي بقبيح فعلهم، فلو كان حكم العقل بقبح الظلم ملازما لعقابه سبحانه لما صح مضمون الآية الذي يعلق العقاب على بيانه.
يلاحظ عليه: أن النزاع ليس بين حسن الأشياء وترتب الثواب، ولا قبح الشئ وترتب العقاب، بل النزاع بين حسن الشئ وبعث الشارع إليه، وقبح الشئ وزجر الشارع عنه، وأما الثواب والعقاب فربما لا يترتبان حتى على الحكم الشرعي المستفاد من الكتاب والسنة بناء على أن الثواب من باب التفضل لا الاستحقاق.
وأما عدم عقابه سبحانه لأهل القرى فإنما لغفلتهم وإلا لعمهم العذاب، فلا يكون دليلا على نفي العقاب فيمن خالف حكم العقل، وهو غير غافل.
وبذلك يعلم الجواب عن الاستدلال ببعض الآيات التي تعلق العذاب على مجيئ النذير، بزعم أنه لو كان حكم العقل كافيا في العقاب لما صح هذا التعليق، وقد عرفت أن النزاع ليس بين الحسن وترتب الثواب، والقبح وترتب العقاب حتى يعد عدم ترتب العقاب فيما يدرك العقل قبحه دليلا على عدم الملازمة لما عرفت من أن الثواب والعقاب أمران مستقلان، فمن قال بالاستحقاق يقول بترتبهما على الحسن والقبح، ومن قال بالتفضل في الثواب لا يقول بالترتب. وإن محط النزاع بين إدراك الحسن والبعث وإدراك القبح والزجر.
وبالجملة فكلام الزركشي لا يخلو من خلط.
2. دليل صاحب الوافية على نفي الملازمة إن الفاضل التوني (المتوفى 1070 ه) صاحب الوافية ممن قال بالتحسين