الثاني: أن يكون المبدأ لصدور هذه الأفعال هي الأحاسيس الإنسانية التي جبل عليها الإنسان.
وباختصار أن الفعل الأخلاقي ما يكون الغاية فيه هو انتفاع الغير، أو يكون المبدأ لصدوره الاحساسات الإنسانية نحو الغير، والفرق بين التعبيرين، هو أن الغير تارة يلاحظ باعتباره علة غائية وأخرى باعتباره علة فاعلية.
نقد وتحليل وربما يؤخذ على ذلك المذهب بأنه ليس كل عمل صادر عن العواطف الإنسانية عملا أخلاقيا، ولذلك لا يعد فعل الأم بالنسبة إلى رضيعها فعلا أخلاقيا، أو فعل الوالد بالنسبة إلى حفظ ولده إلى غير ذلك، فإن هذا النوع من العاطفة مشترك بين الإنسان والحيوان.
وأظن أن المذهب العاطفي يخص الفعل الأخلاقي بالصادر عن عاطفة عامة فلا يعم عاطفة الأم بالنسبة إلى ولدها، وذلك لأن تلك العاطفة تختص بولدها ولا تعم ولد الغير، وهكذا الوالد بالنسبة إلى المحافظة على أبنائه.
نعم العواطف العامة التي لا تختص بفرد دون فرد، إذا كانت مبدأ لصدور الفعل أو كان الغير هو الغاية من فعل الفاعل، فهذا النوع من الفعل يوصف بالأخلاقية.
والذي يمكن أن يؤخذ على ذلك المذهب هو أنه فسر الفعل الأخلاقي بالفعل الصادر عن العواطف الإنسانية مع أن هناك أفعالا أخلاقية لا يصح لفيلسوف إنكار كونها كذلك، مع أنها لا صلة لها بالمجتمع، وهي إما من فضائل الأخلاق أو رذائلها، كالصبر والاستقامة في طريق الطاعة، أو في مقابل النوائب،