نقد النظرية إن أصل التكامل أصل أطبق عليه الفلاسفة منذ قرون وليس من مبدعات الفلسفة الغربية ولا من منش آت اسبنسر، بل كل من قال بالحركة الجوهرية رأى أن التكامل لازم وجود الجوهر، وعلى ذلك فليس القول بالتكامل شيئا بديعا، إنما المهم تمييز مصبه ومركزه.
إن التكامل الفكري والعقلي بمعنى كشف الحقائق شيئا فشيئا وتسليط الضوء على أسرار الوجود بغية الوصول إلى خفايا الطبيعة وأسرارها أمر لا سترة فيه، إنما الكلام في أنه هل التكامل يعم البديهيات والفطريات والأوليات، أو أن الفكر الإنساني مهما حلق في سماء الفكر والعلم، ليس بإمكانه إثارة الشكوك حولها، ولذلك تجد أن امتناع اجتماع النقيضين كارتفاعهما على درجة واحدة من الإذعان عبر القرون دون أن يحيط به الغموض.
إن التحسين والتقبيح العقليين من ضروريات العقل العملي، ومهما بلغ التكامل ذروته لا يؤثر في قضاء العقل بحسن العدل وقبح الظلم، فإدراكه بالنسبة إليهما على حد سواء لا يزعزعه شئ.
والذي أوقع ذلك الفيلسوف الغربي في تلك الورطة هو خلطه بين العادات والتقاليد من جهة، والقيم والأخلاق من جهة أخرى، فالسير التكاملي للعالم يعم العادات والتقاليد دون الأخلاق، وما ادعاه من أن كمال المدنية أمر نسبي فكمال الأخلاق كذلك إنما يرجع إلى العادات والتقاليد والمراسم، مثلا احترام الضيف أصل ثابت بين جميع الأقوام والملل غير أن كيفية الاحترام تختلف حسب تقدم الحضارات.