الأول: إنه جعل المنكر متعلق الأمر، والمعروف متعلق النهي، وهذا لا يمكن رفعه بإخبار الشارع، لاحتمال الكذب في جميع إخباراته، بل الطريق منحصر بالإذعان لحكم العقل.
الثاني: نحتمل أنه أمر بلا إرادة.
الثالث: أنه أراد إرادة استعمالية دون الجدية.
الرابع: أنه استعمل الألفاظ على غير الطريقة المألوفة.
ومع هذه الاحتمالات ونظائرها، كيف يمكن لنا أن نستكشف الحسن والقبح عن طريق الشرع مهما صدع به، ولا ترتفع هذه الاحتمالات إلا بحكم العقل.
إلا أن يفسر الحسن بمجرد وقوع الشئ متعلقا للأمر وإن احتمل ما احتمل، وهو كما ترى.
الثالث: إنكارهما يلازم امتناع إثبات الشرائع السماوية الاعتقاد بالنبوة العامة عبارة عن كونه سبحانه بعث أنبياءه بالشريعة إلى كافة البشر، فمن ادعى السفارة من الله سبحانه فلا يمكن لنا تصديقه إلا في ظل القول بالحسن والقبح العقليين، لأن المفروض أن ذلك المدعي يكون مبعوثا بالمعاجز والبينات، فإن كان صادقا فهو، وإلا يلزم تزويد الكاذب بقدرة خارقة ليضل الناس عن طريق الحق، وهو أمر قبيح لا يصدر منه سبحانه وأما على القول بالحسن والقبح الشرعيين فلا يمكن لنا الإذعان بصدق دعواه لعدم ثبوت قبح تسليط الكاذب على المعاجز.
ولو صدع الشارع أني لا أسلط الكاذب على القوة الخارقة، فلا يمكن الإيمان بصدق قوله لعدم ثبوت قبح الكذب على الشارع.