2. إنهم يستدلون بقضايا الحكمة النظرية على قضايا الحكمة العملية، بمعنى أنهم يستندون بالقضية الخبرية على لزوم ترك الشئ وعدمه.
وإن شئت قلت: يستدلون بضرورة الوجود على ضرورة الإتيان، فأي رابطة منطقية بين النسبتين والاستنتاجين.
والحقيقة أن ما ذكره في الأمر الأول - من أن طريقة البحث في الحكمة النظرية تختلف عما عليه في الحكمة العملية - ليس أمرا غريبا، بل يوجد نظيره في حياة كل إنسان حتى هيوم نفسه، فإذا مرض وأراد الإخبار عن مزاجه، يقول:
مزاجي متعكر، فيجب أن أذهب إلى الطبيب، فعامة الناس يخبرون عما يرتبط بوجودهم بجمل إخبارية، كما أنهم إذا صاروا لبيان الوظائف غبها؟؟ يذكرونها بصيغ الإنشاء.
والذي يؤخذ عليه: ما ذكره من أنهم يستدلون بالقضايا النظرية، على القضايا العملية، فإنه أمر باطل، لأن القضايا العملية إما واضحة بالذات، أو منتهية إلى ما هو واضح بالذات ولا يستدل أبدا بالنظرية، على العملية، وسيوافيك تفصيله في القول الرابع.
ج. يجب أن لا يكون بين الحكمتين أي تصادم يتبنى أصحاب تلك النظرية لزوم الانسجام بين الحكمتين، وإلا يكون بينهما أي تصادم وتناقض، كما إذا كان الإنسان يحمل وجهة نظر مادية حيال الكون، ويرى أن الوجود يعادل المادة وليس ورائها شئ " ليس وراء عبادان قرية " ومع ذلك ينتهي في الحكمة العملية إلى وجوب عبادة الخالق.
إن هذه النظرية ليست نظرية مستقلة بإزاء سائر النظريات، وإنما هي شرط على الحكيم أن لا يناقض فعله عقيدته وبالعكس، فلا يمكن أن يكون ماديا في العقيدة، ومؤمنا في العمل أو بالعكس.