وإنما تمتد بنشأة أخرى وهي الحياة البرزخية، ثم الحياة الأخروية، فكما أن هناك عوامل تسعد الإنسان أو تشقيه في الدنيا، فهكذا الحال في الآخرة.
وفي هذه النقطة بالذات يختلف المذهب الأخلاقي في الإسلام عن سائر المذاهب التي تحدد الحياة في إطار مادي محدود، لا تتصور للسعادة معنى إلا السعادة الدنيوية، فتجعل محور الأخلاق هو الالتذاذ الفردي أو الانتفاع الجماعي، وأما المذهب الأخلاقي في الإسلام والذي يرى أن وراء الحياة الدنيا حياة أخروية، وهناك سعادة وشقاء، ينظر إلى الحياتين على حد سواء، ويبعث إلى ما يسعده في كلتا النشأتين، ويزجره عما يشقيه فيهما، وسيوافيك توضيحه في بعض الأصول الآتية:
2. الإنسان موجود مختار على الرغم من أن هناك فئة قليلة تصور الإنسان أنه فاعل بالجبر وأنه فاقد للحرية والاختيار، إلا أن الأكثرية الساحقة تصوره فاعلا عالما بفعله، ومختارا بين الفعل والترك، وهذا غني عن إقامة برهان بعد شهادة الوجدان عليه.
وعلى ذلك نزل الذكر الحكيم: * (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) * (1) ويقول في آية أخرى مبينا حريته واختياره: * (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * (2).
ولقد صب العالم الكبير زين الدين العاملي المعروف بالشهيد الثاني (قدس سره) مضمون الآية في قالب الشعر، وقال: