وجه يصدق أنه حكم تنجيزي صادر من الشارع، فهذا مما لا يدعيه القائل بالملازمة، وإن أراد من الحكم كونه مطلوبا ومرادا للشارع، فهو أمر ثابت، فإن الفعل إذا أدرك حسن الشئ، فقد أدرك أنه كذلك عند كل عاقل حكيم فكيف بمن هو سيد العقلاء.
بل لا يبعد ترتب العقاب والثواب على الحكم المستكشف، فإن العقل إذا أدرك حسن الشئ فإنما يدركه على وجه أن العامل به ممدوح مثاب وأن مرتكب قبيح الشئ مذموم معاقب، فلو كان دركه بهذا النحو يكون الحكم المستكشف أيضا على هذا النحو من الوصف.
وهناك مثال نلفت نظر القارئ إليه: ألا ترى لو علم العبد بعدم إرادة المولى قتل ولده أو أراد إكرامه، فقتله أو أكرمه فيعد عند العقلاء عاصيا عند القتل ومطيعا عند الإكرام من دون أي شبهة.
4. دليل صاحب الفصول على نفي الملازمة حرر صاحب الفصول (المتوفى 1261 ه) محل النزاع، وقال: نزاعهم في المقام يرجع إلى مقامين:
المقام الأول: إذا أدرك العقل جهات الفعل من حسن وقبح، فحكم بوجوبه أو حرمته أو غير ذلك، فهل يكشف ذلك عن حكمه الشرعي ويستلزم أن يكون قد حكم الشارع أيضا على حسبه ومقتضاه من وجوب أو حرمة أو غير ذلك، أو لا يستلزم ذلك؟ ثم إن عدم الاستلزام يتصور على وجهين:
1. أن يجوز حكم الشارع على خلافه، وعلى هذا تنفى الملازمة من الجانبين، فلا يستلزم حكم العقل حكم الشرع ولا حكم الشرع حكم العقل.
2. يجوز أن لا يكون للشارع - فيما حكم العقل فيه بوجوب أو حرمة مثلا -