زاجرا إلا إذا اقترن بوعد ووعيد من قبل المولى سبحانه، وبذلك يعلم أن دور الأنبياء بالنسبة إلى ما يدركه العقل أحد أمرين، إما دور الإرشاد إلى التفاصيل التي لا يدركها العقل، وإما دور الدعم لحكمه.
وما ذكرناه من فائدة البعثة يرجع إلى ما يدركه العقل من حسنه وقبحه، وأما الخارج عن هذا الإطار فحدث عنه ولا حرج.
5. حسن التكليف إذا كان فعله سبحانه منزها عن العبث، يستقل العقل بالحكم بلزوم إيصال كل مكلف إلى الغايات التي خلق لها، وذلك بتكليفهم بما يوصلهم إلى الكمال، وزجرهم عما يمنعهم عنه، حتى لا يتركوا سدى وتنفتح في ضوء التكليف طاقاتهم الروحية، وعلم الإنسان بالحسن والقبح لا يكفي في استكماله، إذ هناك أمور تحول دون بلوغه الغاية المنشودة، ولا تعلم إلا عن طريق الوحي والشرع.
مضافا إلى أن حفظ النظام أمر حسن واختلاله وزعزعته أمر قبيح، ولا يسود النظام المجتمع الإنساني إلا بتقنين قوانين تكفل تحقيق العدل والمساواة بين كافة الشعوب.
إلى غير ذلك من الثمرات المذكورة لحسن التكليف.
6. لزوم تزويد الأنبياء بالبينات والمعاجز إن بداهة العقل قاضية بعدم جواز الخنوع والخضوع لأي ادعاء ما لم يعضده الدليل والبرهان، فمقتضى الحكمة الإلهية تزويد الأنبياء بالمعاجز حتى تتحقق الغاية المتوخاة من بعثهم، ولولاها لأصبح بعثهم سدى وعملا بلا غاية وهو قبيح.