والمعنوية، وآية ذلك اختلاف الناس في حسن أو قبح طائفة من الأفعال.
وأما وجه عدم صحة الادعاء الثاني: وجود النسخ في الشرائع السماوية، فرب حكم كان حراما في شريعة صار جائزا في شريعة أخرى، فلو كان قبح الشئ أمرا ذاتيا لزمته الحرمة ولم تفارقه.
ويؤيده تقسيم الأحكام الشرعية إلى خمسة، فإن وجود المباح دال على أن ثمة أفعال لا توصف بالحسن أو القبح، ولذلك تركت وحالها، فلو كان التحسين والتقبيح حكما شموليا لجميع الأفعال، لانحصرت الأحكام الشرعية في الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة.
نظرية المحقق الطوسي (597 - 672 ه) ثم إن للمحقق الطوسي في تجريد الاعتقاد رأيا آخر نشير إليه.
قال المحقق الطوسي: " الفعل المتصف بالزائد، إما حسن أو قبيح، والحسن أربعة ".
وهذه العبارة تعرب عن أن جميع الأفعال غير خارج عن إطار الحسن والقبح، والدليل على ذلك إنه جعل للحسن أقساما أربعة وأدخل المباح تحت الحسن.
وشرحها العلامة الحلي بقوله: فالحسن ما لا يتعلق بفعله ذم، والقبيح بخلافه. والحسن إما أن لا يكون له وصف زائد على حسنه، وهو المباح، ويرسم بأنه ما لا مدح فيه على الفعل والترك، وإما أن يكون له وصف زائد على حسنه، فإما أن يستحق المدح بفعله والذم بتركه وهو الواجب، أو يستحق المدح بفعله ولا يتعلق بتركه ذم وهو المندوب، أو يستحق المدح بتركه ولا يتعلق بفعله ذم وهو المكروه.