الفصل السادس العقل العملي من مقولة الإدراك تنقسم الحكمة لدى الحكماء منذ عهد مبكر إلى حكمة نظرية وحكمة عملية، وهذا التقسيم بمعنى تقسيم إدراك الإنسان باعتبار متعلقه، فلو تعلق الإدراك بما من شأنه أن يعلم كقولنا: الله موجود، فهو حكمة نظرية، ولو تعلق بما من شأنه أن يعمل فهو حكمة عملية، فالحكمتان: النظرية والعملية كلاهما من مقولة الإدراك وإنما الاختلاف في المتعلق، هذا هو المعروف عند الفلاسفة، وهذا هو الظاهر من المعلم الأول حيث يقول:
النظرية هي التي بها يحوز الإنسان علم ما من شأنه أن يعلمه إنسان، والعملية هي التي يعرف ما شأنه أن يعمله الإنسان بإرادته. (1) والعبارة صريحة في أن الحكمة العملية من مقولة الإدراك.
وقد تبعه الشيخ الرئيس في " الإشارات " وجعل الحكمة العملية من مقولة الإدراك لا مبدأ للتحريك والعمل، وقال:
فمن قواها ما لها بحسب حاجتها إلى تدبير البدن، وهي القوة التي تختص باسم العقل العملي، وهي التي تستنبط الواجب فيما يجب أن يفعل من الأمور الإنسانية، جزئية ليتوصل به إلى أغراض اختيارية من مقدمات أولية وذائعة وتجربية، وباستعانة بالعقل النظري في الرأي الكلي إلى أن ينتقل به إلى الجزئي. (2)