5. دليل المحقق الخراساني على نفي الملازمة إن المحقق الخراساني (1255 - 1329 ه) وافق صاحب الفصول في نظريته ونفي الملازمة بين الحكمين، وقدم لتحقيق مرامه أمرين، والمهم هو الأمر الثاني الذي نأتي بخلاصته:
1. إن مجرد حسن فعل أو قبحه لا يوجب عقلا إرادة العقلاء إياه بحيث يبعثون إليه عبيدهم أو يزجرونهم عنه، كما يحسنون أو يقبحون عليه لو اتفق صدوره من أحد، بل لا بد في حصولهما من دواع وأغراض، فربما يكون لهم داع إلى صدور الحسن من العبد وربما لا يكون.
ثم استشهد على ذلك بأنه كثيرا ما يختار العقلاء فعلا قبيحا وترك الحسن، والسر هو أن الداعي الذي هو سبب الإرادة يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص وغلبة الشهوات والتفاوت في الملاكات.
يلاحظ عليه: أن ما أفاده من أن الإنسان ربما يحسن الشئ ولا يريده، كما لا يريد الإحسان من عدوه، وربما يقبح الشئ ولا يكرهه، كما في الظلم على العدو، إنما يتم في الأفراد الغارقة في الأغراض الشخصية والمصالح المادية، وأما الإنسان المنسلخ عنها، فالإيمان فيه يدعو إلى العمل ولا ينفك عنه.
فالقوة العاقلة التي هي رئيس القوى إذا كانت معجبة بالشئ أو مشمئزة منه، تطلب فعل الأول وترك الثاني، وإنما ينفك الإيمان عن العمل، إذا كانت القوة العاقلة، محكومة بالدواعي النفسانية والأغراض المادية، وهي خارجة عن البحث.
وبالجملة إذا أدرك العقل المجرد من الرواسب أن الإحسان، حسن وأن فعله كمال له فيطلبه، وأن الظلم قبيح وارتكابه نقص له فيزجر عنه أو يشمئز منه.