المذاهب الأخلاقية - 6 - مذهب الحس الأخلاقي لقد ابتكر " عمانوئيل كنت " مذهبا خاصا في الأخلاق يرجع حصيلته إلى أن سمة الفعل الأخلاقي عبارة عن العمل بالفعل بنية أنه أداء للتكليف الذي وجهه ضمير الإنسان إليه، ولا يكون له حافز ودافع غير أداء التكليف من دون أن يلاحظ حسن الفعل أو قبحه، أو كونه ذا مصلحة أو مفسدة، أو ذا لذة ومرارة أو دعوة العاطفة إليه، فقد أبدع ذلك المذهب شاطبا على الملاكات المختلفة التي كان فلاسفة اليونان والروم عليها.
كان الرأي السائد في عصر " كنت " هو أن الحس منبع الإلهام، أو أنه لا يوجد في الذهن إلا ويوجد في الحس قبله، فكأن الذهن مخزن يرد إليه العلوم من الخارج عن طريق الحواس الخمسة الظاهرية، وقد اشتهر في عصره قولهم:
" لا يوجد في الذهن شئ إلا وقد وجد في الحس قبله ".
ولم يرض " كنت " بهذا المذهب وجعل العلوم الإنسانية على قسمين:
قسم يرجع إلى ما قبل الحس والتجربة.
وقسم آخر يرجع إلى الحس والتجربة، وأحكام العلوم الطبيعية من قبيل الثاني، وأما أحكام الأخلاق فهي من قبيل الأول التي يوحيها الحس الأخلاقي ويبعث الإنسان إلى الفعل أو الترك، فيأمر بالعدل والصدق وحفظ الميثاق، وجزاء الإحسان بالإحسان، كما يزجر عن الظلم ونقض الميثاق، وجزاء الإحسان بالسوء.