دليل العدلية على نفي صدور القبيح من الواجب اعتمد المتكلمون على نفي صدور القبيح منه سبحانه على وصفين:
أ. علمه بالحسن والقبح.
ب. غناه وعدم حاجته إلى شئ.
ونحن في حياتنا اليومية نشاهد ذلك بالعيان، فإن من يرتكب القبيح فإنما يرتكب لإحدى جهتين: إما لجهله بقبح الفعل، أو لإحساس الحاجة إليه (وإن كان ربما لا يكون محتاجا إليه في الواقع) ومن فقد هذين الأمرين فلا يصدر منه القبيح.
فإذا كان هذا هو السبب الأساسي لصدور القبيح من الإنسان، فهذا هو السبب أيضا في صدوره عن الله سبحانه، فإذا كان سبحانه نفس العلم والغنى يمتنع صدور فعل القبيح منه.
ربما يعترض على هذا الاستدلال بأن البرهان مبني على قياس أفعاله سبحانه بالإنسان، وهو أن فعل الإنسان رهن وجود غاية عقلية أو خيالية تدفع به إلى القيام بالفعل، مع أن فعله سبحانه مجرد عن تلك الغاية الداعية إلى الفعل، لأن تعليل فعله بالغاية يعود إلى كونه محتاجا والاحتياج آية الإمكان والله هو المنزه عنه.
وقد نقل العلامة الحلي ذلك الإشكال، وقال: ربما يقال إنا كما لا نفعل القبيح إلا عند الجهل أو الحاجة، كذلك لا نفعل الحسن إلا عند النفع أو دفع الضرر، ولما استحال ذلك في حق الله تعالى، بطل قياس الغائب على الشاهد في انتفاء القبيح عنه.
ثم أجاب عنه بما هذا لفظه: لا نسلم إنا إنما نفعل الحسن للنفع أو دفع