الفصل الثالث تفسير ذاتية التحسين والتقبيح قد تقدم مفاد النظرية الأولى وحاصلها: أن التحسين والتقبيح ذاتيان، فيقع الكلام في المراد من الذاتي، فهل هو من قبيل الذاتي في باب " الإيساغوجي " أو من قبيل الذاتي في باب " البرهان "؟
وتحقيق المقام رهن إيضاح الاصطلاحين المذكورين بغية الوقوف على المقصود من الذاتي في المقام. أو لا هذا ولا ذاك، كما هو الحق.
الذاتي في باب الإيساغوجي يطلق الذاتي ويراد منه ما يكون جنسا أو فصلا لماهية النوع، وهذا كالحيوان أو الناطق بالنسبة إلى الإنسان فهما ذاتيان بالنسبة إلى الأخير، بمعنى أنه إذا حاول الشخص أن يحلل الإنسان تحليلا ذاتيا ويقف على قوامه وصلب حقيقته، يرى فيه هذين المفهومين: الحيوان والناطق، فالحيوان يشاركه بين جميع أصناف الحيوان، والناطق يميزه عن غيره.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن التحسين والتقبيح بالنسبة إلى العدل والظلم ليسا ذاتيين بهذا المعنى، وذلك لأنا نتصور العدل ولا نجد في حاق المفهوم، عنوان الحسن، كما لا نجد عنوان القبح في حاق الظلم، فليس الحسن جنسا ولا فصلا للعدل، كما أن القبح ليس كذلك بالنسبة إلى الظلم، فالعدل والظلم