أضف إلى ذلك أن الغرض من طرح مسألة الحسن والقبح هو الوقوف على كيفية فعل الإنسان ولا يمكن أن يكون الطبع الحيواني ملاكا لاستكشاف كيفية فعل الإنسان من الحسن والقبح.
ب. أن يراد من الطبع هو البعد العلوي والجانب الملكوتي من الإنسان الذي تناط به إنسانية الإنسان.
وبعبارة أخرى: البعد الروحاني من الإنسان الذي يميل بطبعه إلى أمور وينفر كذلك عن أمور أخرى، فما وافق الأول فهو الحسن وما خالفه فهو القبيح، وحيث إن هذا الجانب من البعد الروحي هو مناط الإنسانية وواقعها فيشترك فيها جميع أفراد الإنسان، كما أن جميعهم يشترك في البعد السفلي الحيواني من الغضب والشهوة إلى غير ذلك من الأبعاد، ولذلك نرى أن جميع الأفراد يرغبون في العدل وحفظ الأمانة والعمل بالميثاق وشكران النعمة ويفرون من ضدها.
فلو أريد من الطبع هو هذا المعنى فهو معنى معقول، بل هو المتعين في تعيين ملاك الحسن والقبح، ومن قال بأن موافقة الطبع ومخالفته ملاك التحسين والتقبيح، وأراد منه الطبع بهذا المعنى فقد أصاب الواقع.
الثاني: موافقة الأغراض والمصالح هذا هو الملاك الثاني لتمييز الحسن عن القبيح، ولا شك أن العاقل إنما يفعل لأغراض ومصالح، فكل فعل يؤمن مصلحته فهو حسن، وما ليس كذلك فهو قبيح.
وهذا الملاك كالملاك الأول يتصور على وجهين:
أ. أن يكون المراد من الأغراض والمصالح، الأغراض والمصالح الشخصية،