واقع خارجي. (1) يلاحظ عليه أولا: بما ذكرنا في الفصل السابع من أن حسن العدل وقبح الظلم ليسا من القضايا التي لا واقعية لها إلا الشهرة كما زعم، بل لها واقعية، لكن بالمعنى الذي عرفت من أن الإنسان إذا عرض القضيتين على البعد الملكوتي يجد بينهما كمال الملائمة والمنافرة فيرغب إلى إحداهما وينزجر عن الأخرى.
كما وقفت أيضا على أن العقل النظري والعملي ليسا إلا مظاهر لقوة واحدة، وإنما الاختلاف فيما يدرك كما أوضحناه سابقا.
وثانيا: أن كلام المستدل ناظر إلى رد الدليل الأول للمثبتين، وأنه لو كان الحسن والقبح من الأمور البديهية يجب أن يقعا في عداد سائر البديهيات دون أي اختلاف.
فالإجابة عنه من خلال بيان الفوارق بين القضايا - كما عرفت - نوع تسليم للإشكال وترسيخ له.
الدليل الثاني: الكذب النافع ليس بقبيح لو كان الكذب قبيحا، لكان الكذب المفضي إلى تخليص النبي من يد ظالم قبيحا أيضا، والتالي باطل، لأنه يحسن تخليص النبي من يد أعدائه، فالمقدم مثله.
هذا حسب تقرير العلامة الحلي، وقرره الفاضل القوشجي بنحو آخر، وهو:
لو كانا عقليين لما حسن القبيح ولما قبح الحسن، والتالي باطل، فإن الكذب قد يحسن والصدق قد يقبح إذا تضمن الكذب إنقاذ نبي من الهلاك، والصدق إهلاكه. (2)