ومدحه أو تقبيح الفعل وذمه.
وأعجب من ذلك هو إنكاره إدراك العقل لحسن الأفعال وقبحها بالمعنى الثالث، ولعمري أنه خالف وجدانه، وأنكر بلسانه ما ليس في قلبه، فلا ينكره إلا سوفسطائي يشك في أبده البديهيات.
وقد نقل عن النظام هذه الحكاية الطريفة:
قيل اجتمع النظام والنجار للمناظرة، فقال له النجار: لم تدفع أن يكلف الله عباده ما لا يطيقون، فسكت النظام، فقيل له: لم سكت؟ قال: كنت أريد بمناظرته أن ألزمه القول بتكليف ما لا يطاق، فإذا التزمه ولم يستح، فبم ألزمه. (1) وثانيا: أن المجيب يسلم بأن العقل يدرك حسن الأفعال وقبحها ببعض الملاكات، وهو ملاك الكمال والنقص أو ملاك المصلحة والمفسدة، وعندئذ فالعقل يستقل بحسن بعض الأفعال بأحد هذين الملاكين أو يستقل بقبحها كذلك، وهذا نوع اعتراف من المنكر باستقلال العقل بدرك الحسن والقبح.
إلا أن يقول بحصر الكمال والنقص بالأوصاف دون الأفعال، فلا يعد فعل كمالا ولا نقصا وهو كما ترى.
وثالثا: أن موضوع البحث هو مطلق الأفعال الصادرة من الفاعل المختار، سواء أكان الفاعل واجبا أم ممكنا، وليس هناك إلا ملاك واحد يعم جميع المصاديق، وهو استقلال العقل بالحسن أو القبح الذي ربما يستعقب المدح والذم، دون الثواب والعقاب لعدم توفرهما في أفعاله سبحانه.
الثاني: انتفاؤهما مطلقا لو ثبتا شرعا هذا هو الدليل الثاني الذي أشار إليه المحقق الطوسي، وقال: ولانتفائهما