الفصل الخامس عشر أدلة نفاة الملازمة إن لنفاة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع أدلة مختلفة لا تنصب على أمر واحد، وهذا يعرب عن أن محل النزاع لم يكن منقحا بين المثبتين أنفسهم فضلا عن النافين.
وقد مر - فيما سبق - أن محط النزاع ينصب على الملازمة بين درك حسن الشئ وبعث الشارع إليه، وقبح الشئ وزجر الشارع عنه، فمن قائل بالملازمة، ومن قائل بعدمها.
وأما أن إدراك العقل للمصالح والمفاسد هل يلازم تشريع الوجوب من قبل الشارع على وفق المصالح، والحرمة على وفق المفاسد أو لا؟ فهذا غير مطروح بالمرة، لأن القائلين بالملازمة - كأكثر الأصوليين من الشيعة الإمامية - ينفون هذا النوع من الملازمة، بادعاء أن العقل عاجز عن إدراك مناطات الأحكام وملاكاتها، والمصالح التامة والمفاسد كذلك، فليس العلم بهما ملازما للتشريع.
إذا عرفت ذلك، فنقول:
1. دليل الزركشي على نفي الملازمة:
إن بدر الدين الزركشي (745 - 794 ه) - الذي هو من المتحمسين لنفي الملازمة - تخيل أن النزاع بين إدراك المصالح والمفاسد، وبين الوجوب والحرمة