مورثة للألم في المستقبل، فلا تصح تسميتها أخلاقا وسعادة بحجة أن السعادة عبارة عن اللذة الفعلية أو أن اللذة المقبلة غير موجودة.
رابعا: هذا المذهب - لم يأخذ بنظر الاعتبار - اللذات المعنوية، فلو أخذت بنظر الاعتبار لعمت اللذة الدنيوية والأخروية، وبما أن مؤسس هذا المذهب كان ماديا حسيا لم يؤمن إلا باللذة الدنيوية، كما عرفت في الأمر الأول.
ثم إن أتباع هذا المذهب المعروفون ب " القورينائيين " تصرفوا في هذا المذهب ووقعوا في حرج من قبوله بأكمله، وقالوا:
إذا كانت كل لذة خيرا فلا شك أيضا في أن في بعضها مزيدا من الخير عن الأخرى، فبطل قوله فلا تفاضل بين اللذات.
كما أنه لا سبيل إلى إنكار أن بعض اللذات تشترى بآلام كبيرة، ولهذا اضطروا إلى الإقرار بأن بلوغ سعادة خالية من الأحزان أمر عسير المنال، ولهذا قالوا فيما بعد، أن العمل السئ هو الذي ينشأ عنه ألم أكثر مما تنشأ لذة، ولهذا ينبغي على العاقل أن يمتنع عن الأعمال التي تحرمها القوانين المدنية والرأي العام. (1) 2. مذهب اللذة الشخصية المحددة مؤسس هذا المذهب هو " أبيقور " وهو نفس مذهب " أرسطيفوس "، غير أنه أدخل فيه عنصرا خاصا وهو مدخلية العقل في تحديد تسمية اللذة بالأخلاق.
ولد " أبيقور " عام 341 ق. م. في مدينة " شامس " ثم انتقل إلى " أثينا " فأقام مدرسة في حديقته المشهورة باسم " حديقة أبيقور ". وظل يدرس بها حوالي ست وثلاثين سنة، وتوفي سنة 270 ق. م.