الثالث: موافقة الكمال النفسي لا شك أن صفات الإنسان تنقسم إلى صفات كمال يرغب إليها، وصفات نقص ينفر عنها. فالشجاعة مثلا كمال نفساني مطلوب للإنسان كما أن الجبن هو نقص نفساني مبغوض له، والإنسان بطبعه ميال للكمال فار عن النقص، هذا حال الوصف، وأما الفعل فلو كان محصلا للكمال فهو موصوف بالحسن، وأما ما كان على غير هذا السبيل فهو موصوف بالقبح.
أقول: لعل هذا الملاك ليس جديدا، بل يعود إلى القسم الثاني من الملاك الأول، أي موافقة الفعل للبعد العلوي من الإنسان ومخالفته، لأن الميل إلى الكمال والهرب من النقص أمر فطري وطبيعي، فلو كان الفعل محصلا للكمال فهو أمر يوافق الطبع العلوي للإنسان وإلا فلا.
الرابع: موافقة العادات والتقاليد إن لكل قوم عادات وتقاليد تخصهم، فملاك الحسن والقبح موافقة الفعل للعادات والتقاليد ويقابله القبيح.
ولكن موافقة العادات والتقاليد أو مخالفتها لا تصلح أن تكون ملاكا للحسن والقبح، إذ عندئذ يكون الحسن والقبح أمرين نسبيين أولا، وغير ثابتين ثانيا، ولا يكون معيارا لوصف فعله سبحانه بالحسن والقبح، لأنهما فيه فوق العادات و التقاليد.
هذه هي الملاكات المذكورة في المقام، والصالح للبحث هو موافقة الفعل للطبع لكن بالمعنى الذي عرفت، أي كون الفعل ملائما للبعد العلوي من شخصية الإنسان أو منافرا له.