كالشهوة والغضب وحب المال والثروة والأنانية، إلى غير ذلك من الأفعال الناشئة من الغرائز السفلية، وكل واحد من هذه الغرائز تشكل دعامة وجود الإنسان ومحور حقيقته، فلو فقد واحد منها لسقط النوع الإنساني في الهاوية، فالشهوة دعامة بقاء النوع، والغضب آلة دفاع الشر، إلى غير ذلك من الميول.
وقد قام الإسلام بتعديل الغرائز فلم يحصر اهتمامه بالغرائز العلوية دون السفلية، أو بالعكس، وإنما عدل بينهما، فالنكاح أمر حسن لكن في قالب العفة، والعبادة أمر حسن شريطة التجرد عن الرهبانية، وللإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كلام في خلق الإنسان من مواد مختلفة، ننقل منه هذه الشذرات:
" ثم نفخ فيها من روحه فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها، وفكر يتصرف بها، وجوارح يختدمها، وأدوات يقلبها، ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل والأذواق والمشام، والألوان والأجناس، معجونا بطينة الألوان المختلفة، والأشباه المؤتلفة، والأضداد المتعادية، والأخلاط المتباينة، من الحر والبرد، والبلة والجمود ". (1) 4. ما هو ملاك القيم الأخلاقية؟
إن الوقوف على ملاك القيم الأخلاقية رهن أمرين:
الأمر الأول: معرفة الميول الباطنية في الإنسان إن كل إنسان يجد في صميم ذاته أن له ميولا خاصة نحو أمور، كالميل إلى إقامة العدل، والوفاء بالمواثيق، وإجابة الإحسان بالإحسان، وإغاثة الملهوفين، إلى