وأوضحه تلميذه بقوله: إنا نعلم بالضرورة حسن بعض الأشياء وقبح بعضها من غير نظر إلى شرع، فإن كل عاقل يجزم بحسن الإحسان ويمدح عليه، وبقبح الإساءة والظلم ويذم عليه، وهذا حكم ضروري لا يقبل الشك، وليس مستفادا من الشرع، لحكم البراهمة والملاحدة به من غير اعتراف منهم بالشرائع. (1) ويقول الشارح - العلامة الحلي - في كتاب آخر: ذهبت الإمامية، ومن تابعهم من المعتزلة، إلى أن من الأفعال ما هو معلوم الحسن والقبح بضرورة العقل، كعلمنا بحسن الصدق النافع، وقبح الكذب الضار، فكل عاقل لا يشك في ذلك، وليس جزمه بهذا الحكم بأدون من الجزم بافتقار الممكن إلى السبب، وأن الأشياء المساوية لشئ واحد، متساوية، ومنها ما هو معلوم بالاكتساب أنه حسن، أو قبيح، كحسن الصدق الضار، وقبح الكذب النافع.
ومنها ما يعجز العقل عن العلم بحسنه أو قبحه فيكشف الشرع عنه كالعبادات.
وقال الأشاعرة: إن الحسن والقبح شرعيان، ولا يقضي العقل بحسن شئ منها، ولا بقبحه، بل القاضي بذلك هو الشرع، وما حسنه فهو حسن وما قبحه فهو قبيح. (2) ولما كان هذا الدليل رصينا بمكان لم يجد المنكرون للقاعدة بدا من أن يعترفوا بما في بعض معانيها دون بعض، وهذا هو الفاضل القوشجي، يقول: إن للحسن والقبح معاني ثلاثة:
الأول: صفة الكمال والنقص، والحسن كون الصفة صفة كمال، والقبح كون