وقد اعتمد في نظره هذا على كلام الشيخ من التفريق بين البرهانيات التي يكون لها مطابق في الخارج، والمشهورات التي ليست لها مطابق في الخارج، ولا واقع لها غير توافق الآراء عليها.
وقال الشيخ المظفر - عند كلامه في الفرق بين الأوليات التي يدركها العقل النظري، والمشهورات التي يدركها العقل العملي -: إن الفارق وجوه ثلاثة:
1. إن الحاكم في قضايا التأديبات العقل العملي، والحاكم في الأوليات العقل النظري.
2. إن القضية التأديبية لا واقع لها إلا تطابق آراء العقلاء، والأوليات لها واقع خارجي.
3. إن القضية التأديبية لا يجب أن يحكم بها كل عاقل لو خلي وطبعه ونفسه ولم يتأدب بقبولها والاعتراف بها، وليس كذلك القضية الأولية التي يكفي تصور طرفيها في الحكم، فإنه لا بد أن لا يشذ عاقل في الحكم بها لأول وهلة. (1) وهذه الكلمات تعرب عن أن المشهورات ليست من الأوليات، وبالتالي ليست من اليقينيات، وإنما رصيدها تطابق العقلاء عليها.
نعم إن بين المتأخرين من ذهب إلى أن التحسين والتقبيح من اليقينيات، وفي مقدمهم المحقق اللاهيجي في كتابه: " سرمايه ايمان " وبما أن لكلامه من القيمة بمكان آثرنا تعريبه إلى العربية قال:
" إعلم أن الحق مذهب العدلية، فإن حسن بعض الأفعال كالعدل والصدق أو قبحها كالظلم والكذب أمر ضروري، والعقل في قضائه هذا غني عن الشرع.