فقد انقسم الحسن إلى الأحكام الأربعة: الواجب والمندوب والمباح والمكروه، ومع القبيح تبقى الأحكام الحسنة والقبيحة خمسة. (1) يلاحظ عليه أولا: بأن تفسير الحسن بما لا يتعلق بفعله ذم، تفسير غير تام، وإنما دعاه إلى هذا الأمر محاولة إدخال المباح تحت عنوان الحسن، وإلا فالحسن أمر أخص من هذا التعريف، وهو عبارة عن: اشتمال الفعل على ملاك يستحسنه العقل، كالنظر إلى جمال الطبيعة الخلاب الذي تسكن إليه النفس. فمجرد عدم تعلق الذم أعم من كون الفعل حسنا.
وثانيا: أن محاولة تفسير المكروه بما يستحق المدح بتركه ولا يتعلق بفعله ذم، بغية إدخاله تحت الحسن محاولة غير ناجعة، وكان بوسعه أن يدخله تحت القبيح لكن بادعاء أن للقبح مراتب شديدة، ولعل هذا كان أفضل من إدخال المكروه تحت الحسن.
نظرية المحقق الخراساني (1255 - 1329 ه) ذهب المحقق الخراساني إلى أن جميع الأفعال غير خارجة عن إطار الحسن والقبح، وإن كان العقل قاصرا عن الإحاطة بكافة المحاسن والقبائح، وإليك نص كلامه ضمن مقاطع:
إن الأفعال كسائر الأشياء تختلف بحسب وجوداتها الخاصة سعة وضيقا، وعلى حسب اختلاف وجوداتها، يختلف، بحسب الآثار خيرا وشرا، وكما تختلف الأشجار والأحجار وسائر الجمادات والنباتات في ذلك، كذلك الأفعال، فأين الضرب المورث للحزن والغم والفجع والألم، من الإعطاء الموجب للفرح والسرور الرافع للسأم والهم؟!