الفصل الثالث عشر العلاقة بين الرؤية الكونية والآيديولوجية الصلة بين الرؤية الكونية والآيديولوجية من المباحث التي لها جذور تاريخية، ولكن أول من طرحها بصورة مسهبة وأفاض فيها الكلام هو الفيلسوف " ديفيد هيوم " (1711 - 1776 م) ومن هنا أخذت هذه المسألة مكانتها في الفلسفة الغربية وألفتت نظر الفلاسفة إليها.
والمراد من الرؤية الكونية، أو ما يسمى بالحكمة النظرية، هو: إدراك العقل شيئا من شأنه أن يعلم، ويعد نفس العلم به كمالا للنفس، كقولنا: " الله موجود " أو " النفس موجودة " وغير ذلك من العلم بالموجودات المادية والمجردة.
والمراد من الآيديولوجية أو ما يعبر عنه بالحكمة العملية، هو: إدراك العقل شيئا من شأنه أن يعمل ويعد نفس العمل به كمالا للنفس كقولنا: " الظلم قبيح " و " العدل حسن " فإنه بمعنى يجب القيام بالعدل والاجتناب عن الظلم.
ومن هنا يعلم أنه ليس لنا عقلان أحدهما يدرك ما من شأنه أن يعلم، والثاني يدرك ما من شأنه أن يعمل، وإنما هي قوة مدركة واحدة تارة تدرك ما من شأنه العلم، وأخرى ما من شأنه العمل، وعندئذ يقع الكلام في أنه كيف يجوز لنا أن نستنبط ما من شأنه أن يعمل مما شأنه أن يعلم مع أن بينهما بونا شاسعا؟ فإن مآل الحكمة النظرية هو الإخبار عن وجود شئ كالنفس موجودة، وأما مآل