وبعبارة أخرى: يجب التوفيق بين العقيدة والعمل، ولا نطيل الكلام في ذلك، ولنذكر النظرية الرابعة ولعلها أظهر النظريات.
د. وجود الصلة بين الحكمتين على نحو المقتضي وهي النظرية المتوسطة بين النفي التام والإثبات التام، فليس الحكمة النظرية في منأى ومعزل عن الحكمة العملية، كما أنها ليست علة لها (للحكمة)، بل هناك صلة بينهما لا تعدو عن حد المقتضي، ويعلم ذلك مما قدمنا في هذا الكتاب غير مرة، وهو كما أن قضايا الحكمة النظرية مختلفة من حيث الوضوح والخفاء - فهناك قضايا بديهية وقضايا نظرية - وهكذا الحال في الحكمة العملية، فهي بين واضحة كحسن العدل وقبح الظلم، وخفية يتضح حالها بالنظر إلى غيرها، ولنضرب مثالا:
إعمل لتعيش.
أحسن لمن أساء إليك.
تجد الأولى واضحة لا تحتاج إلى عناء لتصديقها، بينما نجد الثانية بحاجة إلى الاستدلال حتى يذعن بصدقها، قال سبحانه: * (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) *. (1) مثال آخر: يقول الإلهيون في مجال الحكمة العملية:
1. يجب معرفة الله.
2. يجب إطاعته.
3. يجب عبادته.