المذاهب الأخلاقية - 5 - المذهب الكلبي هذا المذهب على طرف النقيض من كون الإنسان موجودا مدنيا اجتماعيا، له رغبة بالنسبة إلى التنعم مما منحه الله سبحانه، ولذا كانوا يرون السعادة أن يعدل الإنسان عن خيرات الدنيا، وأن ينزل عن مكانته الاجتماعية، ويعيش عيشة مرتاض لا صلة له بالدنيا وما فيها وقد كان لهذا المذهب دعاة قبل الميلاد منهم " ديوجانس " (413 - 327 ق. م) كان هو حريصا على الزهد تبعا لأستاذه " انستانس "، وكان الثاني يحتقر العلوم كأستاذه ويريد الناس على أن يروضوا أنفسهم على الفضيلة فيجيدوها.
وخلاصة القول في حقهم: إنهم كانوا يعيشون كالمرتاضين، فيلبسون لباس عامة الشعب، ويرسلون شعر الرأس واللحية، ولما تغير الزي الشعبي بتأثير المقدونيين، احتفظوا هم بزيهم، فكان دلالة عليهم، وكانوا يحملون العصا بأيديهم والجراب فوق ظهورهم، ويطوفون في التماس قوتهم كالشحاذين المحترفين أو كرهبان الهنود، وليس لهم من مأوى سوى المعابد وغيرها من الأمكنة العامة. وكان فيهم كثير من الشذوذ، مثل أن يقف الواحد منهم عريانا تحت المطر في برد الشتاء، أو يمكث في شمس الصيف المحرقة، ليظهر قوة احتماله وما إلى ذلك، كانوا يغشون المجالس ويتطفلون على الموائد فيجابهون الحضور