وإذا ضممنا هذه الآيات الثلاث النازلة في أجر الرسالة النبوية بعضها إلى بعض فإننا نستنتج بسهولة أن القرآن الكريم عرف أفرادا معينين من قرابة النبي (صلى الله عليه وآله) بوصفهم الأدلاء على طريق الله الذي هو طريق تكامل الإنسان، وأوصى المسلمين مؤكدا أن يعقدوا معهم عهد المودة، حفظا لمصالحهم الفردية والاجتماعية.
وهذا الموضوع يشبه أن يقال لأحد: إذا أردت أن تصل إلى مقصودك سالما فاعرف أدلة الطريق وأحبهم، فإن ذلك في مصلحتك، لأن هذه المعرفة سبب يجعلك لا تضل الطريق، فتتخلف عن مقصدك.
نلحظ في ضوء ذلك أن قصد القرآن الكريم ممن أوجب مودتهم هم قرابة النبي (صلى الله عليه وآله)، أوكل الله تعالى إليهم هداية المجتمع الإسلامي وتوجيهه وقيادته. وينبغي أن لا نغفل عن هذه الحقيقة وهي أن القيادة الربانية وحدها هي التي تعرف صراط الله كما هو، وتستطيع أن تهدي المجتمع إليه، وهؤلاء الأدلاء الهادون هم أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)، كما يستشف من الأحاديث المتواترة المأثورة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
روى المحدثون من أهل السنة (1) عن ابن عباس أن آية " مودة القربى " حين نزلت قال الصحابة:
" يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ " قال (صلى الله عليه وآله):
" علي وفاطمة وابناها (عليهم السلام) " (2).