من جانب آخر، نلاحظ أن أعداء الإسلام - الذين أدركوا القدرة الثقافية العظيمة للدين الإسلامي - لم يتوانوا عن بذل كل ما في وسعهم لشن الهجمات المباشرة وغير المباشرة على أسس القيادة في الإسلام، بخاصة الأساس المتمثل بولاية الفقيه.
ومما تحتاج إليه المجتمعات الإسلامية - في هذه الظروف المصيرية الحساسة من تاريخ الإسلام أكثر من أي وقت مضى - هو شرح أسس القيادة في الإسلام، والبحث في غايتها وموقعها وخصائصها وآفاتها، والحقوق المتبادلة بين الناس والقيادة، وكذلك التعرف على المؤامرات الخطرة التي كانت وما تزال تحاك لتحريفها، وهذا من شأنه أن يضاعف مسؤولية العلماء الملتزمين وأصحاب الأقلام.
وهذا الكتاب هو محاولة متواضعة في هذا المضمار، فهو - إلى جوار معالجته الموضوعات المذكورة - قد تناول في القسم السابع منه بالنقد والتحليل موضوع قادة الإسلام بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن الجدير بالذكر أن الكتاب قد عرض ولاية الفقيه كفرع من الإمامة العامة، على نحو جديد يفهمه جمهور الباحثين.
ونذكر هنا أن قسما من مباحث هذا الكتاب عرضت في القناة الثانية من الإذاعة المرئية للجمهورية الإسلامية سنة 1988 م تحت عنوان " دروس من أصول العقائد الإسلامية "، من خلال ست وأربعين حلقة، ونشرت في مجلة " پاسدار إسلام " تحت عنوان " أسس القيادة في الإسلام "، وها هي الآن في متناول أيدي القراء بعد مراجعتها وإتمامها.
ختاما أبتهل إلى المولى القدير، بعجزي، أن يقبل مني هذه البضاعة المزجاة، ويضاعف تأثيرها في توطيد وحدة الأمة الإسلامية، والتمهيد للحكومة الإسلامية العالمية بقيادة الإمام المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه.
محمد الري شهري غرة ربيع الأول سنة 1417 ه