الحق والعدل. ثم يذكر سبب ذلك، وهو أن عقائد معظم الناس لا تستند إلى قاعدة علمية ثابتة، بل تستند إلى الظن.
من هنا، فإن الذين يريدون اتخاذ قرار صائب ويطمحون إلى العمل بنحو سديد - خاصة أولئك الذين يشغلون موقع القيادة - عليهم أن يحافظوا على استقلالهم الفكري.
إن المواطن التي يوصي بها القرآن الكريم قادة المجتمع الإسلامي بالاستقلال كثيرة، وجميع الآيات التي تنهى النبي (صلى الله عليه وآله) عن اتباع الآراء والعقائد المفروضة هي في الحقيقة وصايا للقادة الربانيين باستقلال الرأي، وعدم الانسياق للآراء المختلفة.
نستشف من هذه الآيات عددا من الملاحظات النفيسة الآتية حول الإدارة والقيادة:
1 - الاستقلال وعدم الانسياق ضرورة قطعية ثابتة للقائد. ولا يستطيع قادة المجتمع الإسلامي أن يقوموا بواجباتهم الإلهية إلا إذا كانت لهم هذه الصفة المهمة.
2 - إن الوصايا القرآنية المتكررة في هذا المجال علامة على أهمية خطر الانسياق الذي يهدد قادة المجتمعات الإسلامية، وتستتبع الغفلة عنه خسائر لا تعوض.
3 - عندما يقول القرآن الكريم بصراحة: إن النبي لا يستطيع أن يصون نفسه من خطر الانسياق إلا بتسديد إلهي يتبين لنا أن هذا الخطر جدي في غاية الجد، وعلى الآخرين أن ينظروا في أعمالهم ويراقبوا أنفسهم بدقة من أجل الوقاية منه.
4 - لا يستطيع قادة المجتمع الإسلامي أن يصونوا أنفسهم من خطر الانسياق لآراء الآخرين إلا إذا استظهروا بإمدادات غيبية، مضافا إلى بعض المراقبات اللازمة.
من هنا، فإن الدعاء والاستمداد من الله تعالى - إلى جانب المراقبات اللازمة - سر استقلال القائد وصلابته وعدم انسياقه.